مقالات

تحديث الصفحات الإلكترونية وتطور مواقع الإنترنت عبر الزمن

أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فنادرًا، أو من غير المألوف، أن يمضي يومًا ولا يتفقد فيه الفرد مواقع الإنترنت، سواء كانت إخبارية، أو تجارية، أو اجتماعية، أو لأغراضٍ أخرى. مما يعني أن الإنترنت قد أصبح نافذتنا الرئيسة إلى العالم، نظرًا لتنوعه، وشموليته، وسهولة الوصول فيه، للكبار والصغار على حدٍ سواء، وذلك بفضل التطور الملموس الذي تأثر به، لناحية واجهة المستخدم "User Interface"، وتجربة المستخدم "User Experience"، التي يعمل المطورون عليها باستمرار. ومرّت الشبكة العنكبوتية منذ نشأتها – حتى الآن – بأربع مراحل من التطوير وهي: Web 1.0، Web 2.0، Web 3.0، وأخيرًا Web 4.0. وقد اختلفت هذه الإصدارات فيما يتعلق بتركيبة المواقع وطريقة عرض المعلومات التي تحتويها، وكذا عدد المستخدمين الذين يصلون إليها، الآخذ بالازدياد. وقد طرأ على المواقع الإلكترونية منذ انطلاق أولها عام 1991[1] مجموعة من التغيرات الجوهرية والشكلية، فقد اقتصرت المواقع السابقة على الأكواد البرمجية البسيطة، وافتقرت إلى دينامية التفاعل بينها وبين المستخدم، أي قدرة المستخدم على التحكم بها، والإدخال فيها، فقد كانت نصوصًا بسيطة، وصورًا في نادر الأحيان. وكان من إحدى مزاياها الرئيسة، سهولة إنشاءها وإضافة الروابط فيها وذلك لبساطة بنيتها وسهولة أدوات التحكم بها[2]. فأول نطاق إلكتروني تم إطلاقه هو http://info.cern.ch، وتظهر الصورة أدناه سهولة تركيبه، وبساطة مظهره.

تم التقاط الصورة بتاريخ 30 نيسان 2013، في جنيف، وتظهر أول موقع إلكتروني تم إنشاؤه بتاريخ 1992.

حقوق الصورة محفوظة لـ فابريك كورفيني/ AFP بواسطة Getty Images

وعليه، يتناول هذا المقال التطور المستمر في الصفحات الإلكترونية، ويحاول أن يتتبع حالة التسلسل الزمني لتطور المواقع الإلكترونية.

أولًا: تغير الصفحات الإلكترونية المستمر

تتغير الصفحات الإلكترونية بشكلٍ مستمر، سواء على مدى السنين، أو الأشهر، أو الأسابيع، أو الأيام، وقد يكون أقصر من ذلك، فهذا يرجع أولًا: إلى تطوير الصفحات وتصميمها، وثانيًا: إلى إضافة المحتوى وتعديله عليها.

1.1 تطوير الصفحات وتصميمها

يلجأ مئات الملايين من المستخدمين يوميًا إلى مواقع الإنترنت للبحث عن المحتوى الذي ينشدهم، من أطباء، ومهندسين، وطلاب، وفنانين، وغير ذلك. لذا، فهو المرجع الأساسي لهم لاستقاء المعلومات، والصور، والفيديوهات، والنصوص. ولكن يبقى السؤال الرئيس: ما الذي يحملهم على دخول شبكة الإنترنت باستمرار؟ هل هي فرّادة المعلومات والبيانات المنتشرة فيها؟ أم هو التحديث المستمر الذي تشهده هذه الصفحات والمواقع؟ الجواب هو الإثنين معًا، ففرادة المعلومات تغنيهم عن اللجوء أو البحث عن مصدر آخر غير الإنترنت (تمامًا كما يحصل عندما لا يتلقون الإجابة في موقعٍ معين)، الأمر الذي يدفعهم إلى البحث عن المعلومات في موقعٍ آخر، هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل سرعة التصفح، ورتابة المعلومات، وشكل الموقع، ومزيج ذلك كلّه. أما بالنسبة لتحديث المعلومات، فعلاوةً على أنها تسهم في ظهور الموقع في أولى نتائج البحث، نظرًا للتحديث المستمر في جوهرها ومحتواها، فهم يلجؤون إليها ليثروا معلوماتهم، بالإضافة إلى ما يجدونه من تحديثات في مضمون المواقع الإلكترونية. فها هم الباحثان كو وجراشيا مولينا[3] في دراستهما على سرعة التحديث في صفحات الإنترنت، يظهران أن ما نسبته 40% من صفحات الإنترنت تشهد تحديثات مستمرة كل أسبوعٍ على الأقل، وما نسبته 23% من المواقع التي يمتد نطاقها لاسم ".com" تشهد تحديثات في صفحاتها بشكلٍ يومي.

1.2 إضافة المحتوى وتعديله على الصفحات

تحاول عناكب محرك بحث "Google" أن تحافظ على وجود التحديثات المستمرة للمواقع الإلكترونية في قاعدة بيانات محرك البحث، إذ أن المحرك يقوم بتتبع تحديثات 3 مليار صفحة إلكترونية مرة واحدة شهريًا [4]، ولكن يمكن لها أن تكون أكثر من ذلك في حال التحديث اليدوي من إحدى أدوات محرك البحث مثل "Google Search Console Tools"، والتي تتيح لأصحاب المواقع قياس معدلات الوصول إلى موقعهم الإلكتروني، وقياس إدائه، وإصلاح مشكلاته المتعلقة بالبحث، وإبراز صفحات الموقع ضمن نتائج البحث. وتعتمد طول مدة الأرشفة التي تقضيها عناكب محركات البحث في المواقع الإلكترونية على مدى ديناميتها، وسرعة التغير في محتواها. أي أنه، كلما كان التغير أكبر، زاد الوقت الذي تقضيه العناكب في الموقع، بالإضافة إلى التغير في ترتيب العناصر داخله، وكذلك مدى توافق الصفحات المتشابهة أو اختلافها، جميع هذه العوامل وأكثر، تؤثر في سرعة تحديث الموقع الإلكتروني في محركات البحث، وتتيح للمستخدمين التعرف إليها وملاحظة هذه التغييرات، مثل إضافة المقالات الجديدة، أو تغيير لون خلفية إحدى الصفحات أو العناصر الموجودة فيها. وهذا يعني، أنه كلما زادت التحديثات في مضمون الموقع، زادت الفترة التي يقضيها المستخدم فيه، وزادت نسبة العودة إليه من جانبه. وهذا ما يمكن قياسه وقراءته من خلال معطيات خدمة "Google Analytics 4"، في الـ "Bounce Rate" والـ "Session Time".

ثانيًا: التسلسل الزمني لتطور المواقع الإلكترونية

مرت المواقع الإلكترونية بحقبة واسعة من التطور عبر الزمن، فهي لم تعد مقتصرة على استقاء المعلومات منها (المخرجات)، بل أصبح بإمكان المستخدم إدخال المعلومات فيها، من خلال نماذج الاتصال، والمشاركة الإلكترونية، ناهيك عن فكرة التواصل والتفاعل مع محتواها، كالتعليق والإعجاب، وهو ما طوّرته منصات التواصل الاجتماعي لاحقًا إلى تطبيقات الجوال، لتسهيل عملية الوصول إلى محتواها، وضمان أكبر عدد ممكن من عمليات التنزيل من منصات التطبيقات. فالهاتف الجوال أصبح لا غنى عنه اليوم، نظرًا لعملية الاتصال والتواصل بين الأشخاص، وحرص الفرد المستمر على اللحاق بآخر التطورات التكنولوجية الحديثة والمستمرة. ولم تعد المواقع الإلكترونية مقتصرةً على الأكواد البرمجية البسيطة فيها، بل تطورت لتشمل الـ "Header" والـ "Footer"، والـ "Sidebar"، والـ "Container"، والقائمة تطول لعدد لا متناهي من تضمينات الأكواد أو النصوص البرمجية، وكذا الفيديوهات والصور من المواقع المختلفة وتضمينها في موقعٍ معين. اطلب تصميم موقعك الإلكتروني الآن وأصبحت المواقع تلعب دورًا أساسيًا في حياتنا العملية، من خلال طلبات التوصيل، والتسوق عبر الإنترنت، وعرض المنتجات، والكتب الإلكترونية، والمقالات، والتفاعل مع المستخدمين عبر الويب. وتبقى المواقع الإلكترونية مستمرة التطور والتغيير، لما يتطلبه المستخدم، ولما تطلبه الحداثة من تغيير على المدى الطويل والقصير.


[1] فيشليز، ج (6 أغسطس، 2021). نظرة إلى أول موقع إلكتروني تم اطلاقه قبل 30 عام. في NPR. https://shorturl.at/fUlvz

[2] ‏ وارن، ب، مونرو، م، (أيار، 1999). تطور المواقع الإلكترونية. في Proceedings. ورشة العمل الدولية السابعة في شمولية البرامج. (صفحة 178-185). IEEE

[3] كو، جيه، وجراشيا مولينا، إتش. (2003). توقع درجة التغيير. في ACM Transactions on Internet Technology (TOIT)، الجزء 3 (3)، 256-290.

[4] موقع "Google" للمعلومات الخاصة بأصحاب المواقع. في http://www.google.com/webmasters/2.html